مقالات وآراء

في إطار حملة التضامن مع المعتقلين نقدم تجربة

عبدالمجيد صالح أبكر هارون
عبدالمجيد صالح أبكر هارون تخرج من كلية دراسات المجتمع والتنمية الريفية , جامعة جوبا في العام 2007 وكنت أثناء الدراسة عضو نشط في عدة جمعيات طلابية ازكر منها جمعية التنمية الريفية ورابطة طلاب دارفور . وهذه الأنشطة
كانت البداية المشاكل والمتاعب مع ما يسمي بجهاز الأمن والمخابرات الوطني وبقية ما يسمي بجهاز الأمن الطلابي .
اعتقلت في يوم 28 أغسطس 2009 من الخرطوم 22 وكنت متجها لمقابلة عدد من الطالبات الجامعيات من دارفور الذين تم اغتصابهم وتعذيبهم من قبل أفراد من جهاز الأمن وقمنا مع آخرين بإبلاغ الحادثة للأمم المتحدة وأرسلو وفدا من نيويورك لمقابلة هؤلاء الفتيات لفتح تحقيق في الحادث ومن ثم الشروع في إضافة هذه الجريمة الي الجرائم المتهمة بها الحكومة السودانية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وبالفعل قمنا بالتنسيق بين المحكمة الجنائيةالدولية والأمم المتحدة والفتيات ولكن لسوء الحظ كنت مراقبا لمدة طويلة وتم اعتقالي وتم إفشال المقابلة.
بالنسبة لممارسات التعذيب كانت قاسية للغاية , الضرب بالدبشق (بالكلاشنكوف) والمنع من النوم ومنع الطعام والدواء , كانت تجربة قاسية جدا تعلمت منها الكثير واستفدت منها كثيرا وتعرفت علي معتقلين كثر من جميع أقاليم السودان ومن دول اخري ما زالت علاقاتنا مستمرة الي الان . أنواع التعذيب كثيرة جدا وأنواع المعتقلات إيضا عديدة .
بيئة المعتقل.. بيوت الاشباح
بيئة المعتقل , كانت سيئة للغاية السرية منها والعلنية . المشكلة الكبيرة كتير من أماكن المعتقلات لا نعرف أين تقع الي الان ولكن أعتقد أنها متوزعة ما بين بحري والخرطوم . لا يوجد معتقل جيد , لكن معتقل كوبر نوعا ما أفضل من معتقل جهاز الأمن في موقف شندي لأنه واسع بعض الشي وغالبا لا يتم التعذيب في كوبر إنما يتم يتم التعذيب في (بيوت الأشباح ) في الخرطوم 2 جواز مقابر الصحافة بالقرب من( شركة دانفوديو ) وآخر في كوبر جوار سفارة الفاتيكان . بالطبع هنالك المئات من معتقلات جهاز الأمن وانا تجربة انحصرت علي الاقل في سبع أنواع من معتقلات جهاز الأمن .
طريقة تعامل مع الجلاد
يتم التعذيب وانت مغمض العينين ( البس النضارة) معناها انت ماشي التعذيب او التحقيق عندما يتم أمامك وغالبا يتم تغطية عينيك بقطعة قماش بحيث انك لا تعرف أين أنت ذاهب ويتم التعذيب ليلا ومرات المغرب وبعض الحالات بالظهر .
هنالك عدة أنواع من التعذيب , التعذيب الفردي والتعذيب الجماعي و كلهم طرق لكسر إرادة المعتقل وجره الي الانهيار . وانا شخصيا تم تعذيبي بشتي الطرق لتوصيلي للاعتراف بطبيعة عملي وعلاقتي بالمحكمة الجنائية الدولية وعلاقتي بمؤسسات حقوق الإنسان كمنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان ( هيومن رايتس ووتش) وغيرها . وفشلو في جري للاعتراف وصمت الي ان تم إطلاق سراحي في فبراير 2010 .
جماعة اليو بي اف
أسوء حالات التعذيب التي شاهدتها أمامي سيئة للغاية ولكن اتذكر شباب من ( جماعة اليو بي اف UPF ) الزراع الطلابي لحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد في معتقل كوبر . وأوكرانيا منهم القيادي الآن بالحركة الرفيق مصطفي شريف ومصطفي طمبور الذي يقبع الآن في معتقلات جهاز الأمن ونسأل الله أن يفك اسره قريبا. أذكر أيضا ناشطين آخرين من المؤتمر الشعبي منهم الأخ والرفيق الدومة إدريس حنظلة و عدد كبير لا اذكر أسماءهم لأنه كان ممنوع التحدث أثناء التعذيب , إذا تكلمت أو لمحت لأي إشارة معناها التعذيب حيستمر لساعات عدة. لكن كانت لنا طرقنا في التواصل مع بقية المعتقلين في المعتقل . مثلا انا كنت في معتقل كوبر و تنقلت في عدة غرف ( الشرقيات) وكنت اعرف ان الدومة حنظلة بالقرب من غرفتي , وجميع الغرف لها أسماء نعرفها ويعرفها الحراس من جهاز الأمن وحراس سجن كوبر .

أسوء حالات التعذيب

الضرب المبرح بالكلاشنكوف والضرب في الأرجل خاصة للطلاب لأن أعمارهم صغيرة وغالبا ما يعترف بأشياء غير موجودة علي الإطلاق , لأن الشخص تحت التعذيب يحاول وقف التعذيب باي ثمن . وكل هذه جرائم ويتحملها نظام الإنقاذ وأفراد الشرطة والجيش والشرطة لأن كل هذه الأجهزة تشارك في التعذيب ولكن أسوء حالات التعذيب تتم في مقرات جهاز الأمن ومقرات الاستخبارات العسكرية في القيادة العامة .

لا لم أشاهد حالات وفاة لكن سمعنا بمعتقلين ماتوا في معتقل دبك ومعتقل كوبر ومعتقل الاستخبارات العسكرية في القيادة العامة وغالبا يتم التستر علي هذه الحالات ويمنع حتي أفراد جهاز الأمن من نشر أي معلومات عن حالات القتل داخل المعتقلات . و شاهدت تعذيب عنيف وتعذيب بالغرق بالماء وتعذيب بالضرب المبرح في الرأس والارجل .

تأثير التعذيب علي صحتي

للتعذيب آثار كثيرة , أسوء ما فيها هو النفسي , وغالبية المعتقلين عانوا من تعذيب جسدي , يعني أغلب المعتقلين خرجو بعاهات في جسدهم والإصابة بأمراض مزمنة كالرطوبة وأمراض القلب وأمراض الكبد وغيرها . مثلي ومثل الآخرين تعرضت لتعذيب عنيف في الشهور الأولي ولكن لاني كنت اعرف التعذيب من قبل لاعتقالات سأبقة في الجامعة فكنت علي علم بطرق التعذيب ولم يأثر علي نفسيا ولكن بالتأكيد إثر علي جسديا ( كمية من الضرب بالكلاشنكوف) وتم نقلي الي المستشفي عدة مرات وكان أغلبها ضرب والمنع من الأكل والدواء والسجن الانفرادي . ولكن عندما سافرت الي كمبالا تلقيت علاجا في إحدي المراكز الصحية التابعة لمنظمة كنت اتعامل معها والحمد لله كنت محظوظا لاني لم امكث فترة طويلة الاعتقال قبل الأخيرة كانت حوالي ستة أشهر . هنالك معتقلين مكثو سنين في معتقلات جهاز الأمن العلنية والسرية . والتقيت بمعتقلين قضوا أكثر من ثلاثة سنوات في معتقل كوبر وأصيبو بأمراض خطيرة للغاية .

التعذيب وسيلة ممنوعة في غالب الدول المحترمة وللأسف السودان غير مصادق وموقع للاتفاقية الدولية لمحاربة ومنع التعذيب الذي تسمى CAT Convention Against Torture )
ونحن الآن مع خريجي المعتقلات السودانية ومعتقلين آخرين حول العالم نسعي لحث جميع الدول للتوقيع والمصادقة علي الاتفاقية الدولية لمنع التعذيب بما فيها السودان .

مقالات ذات صلة