مقالات وآراء

ذاكرة النسيان؛ الحركة الشعبية لتحرير السودان قادرة على تجاوز أزمتها ولو كره الحاقدون..

إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين

على الذين ينتقدون الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ويكيلون لها التهم والشتائم جزافا ان يتوجهوا بنقدهم ونصائحهم إلى احزابهم الطائفية والعشائرية التي ساهمت ولا تزال في صناعة وتعميق الأزمة السودانية. الحركة قادرة وبحكم تجربتها النضالية المستمرة لاكثر من 3 عقود، ضد ظلم واستكبار دولة الجلابي على تجاوز محنتها وتحقق النصر.

وحدة الحركات المسلحة هو المدخل لإنجاز التغيير في السودان، وضرورة ملحة لهزيمة المشروع الحضاري العنصري.

ومن اخطر اشكال العبودية، الاستعباد العقلي الذي يوهم العبد بالحرية ويجعله يحب، يثق، ويدافع باستماتة عن سيده. فيما يرى كل من يحاول تحريره من العبودية، عدوه اللدود.

وتجدر الاشارة هنا، الى موقف المهمشين المتخاذل في دارفور من الاعتداء الآثم من قبل دولة الفصل العنصري على اشقاءهم ضحايا التهميش، بجنوب السودان ودفاعهم المستميت عن المشروع الحضاري الذي كافأتهم في نهاية المطاف بعد ان دفعوا الغالي والنفيس، حملوا لواءها ودافعوا عنها بارواحهم لعقود بالموت والابادة.

ولاشك ان مؤتمر حسكنيتة عام 2005ف الذي مهد لانشقاق حركة تحرير السودان إلى قسمين بقيادة مني أركو مناوي والمحامي عبدالواحد النور غرز آخر مسمار في نعش وحدة الحركات المسلحة بإقليم دارفور المنكوب وفتح الباب على مصراعيه للانتهازية الذين اتخذوا من الأزمة الإنسانية مطية لتحقيق مآرب وأهداف ذاتية وفي نفس الوقت أعطى النظام فرصة لزرع الفتنة بين مكونات الثورة ما أدى لتفكيك الحركات المسلحة وضرب وحدتها الهشة اصلاً في مقتل.

وبالتوقيع على معاهدة ابوجا بين مناوي ونظام الخرطوم توالت الاتفاقيات الصورية وانتشرت إنتشار النار في الهشيم دون ان تضع الحرب اوزارها بل أصبح يزداد الأمر سوءً بشكل مضطرد مع توقيع كل اتفاق جديد تبرز حركة مسلحة جديدة وكان المستفيد الأول من تلك الفوضى التي تمخصت عن مؤتمر حسكنيتة هو حزب الحركة الإسلامية الذي تمكن من زرع الفتنة القبلية والعشائرية داخل الحركات المسلحة وزجت بمخالبها لاختراق الثورة.

بعد القرارات التصحيحية الأخيرة التي صدرت من مجلسي تحرير إقليم جبال النوبة والنيل الازرق والتي قضت بعزل الرئيس والأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان بسبب تجاوزاتهم المتعمدة للخطوط الحمراء، انهالت بعض الأقلام المغرضة في كيل الشتائم وإلقاء التهم جزافا على الحركة الشعبية ومشروعها العادل الذي سينهي الاستعلاء العرقي وأزمة السلطة والهوية التي قامت عليها ركائز دولة الجلابي العنصرية.

وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تمر بها الحركة منذ تأسيسها في 16 ماي 1983ف في أعقاب إعلان الجنرال جعفر نميري تطبيق الشريعة الإسلامية التي تمخض عنه انهيار اتفاق أديس ابابا الذي وضع نهاية للحرب الأهلية بين الشمال والجنوب لفترة عشر سنوات، فقد شهدت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان انشقاقات دفعت ببعض قادتها إلى الانضمام للمؤتمر الوطني ضمن معاهدة مايسمى اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997ف وما لبثت ان انهارت الاتفاقية الموقعة بين الطرفين وعاد كل من دكتور لام اكول ودكتور ريك مشار ادراجهما ولكن انتصر الجنوبيون في خاتمة المطاف بغض النظر عما يشهدونه اليوم من مجاعة وحروبات عبثية.

لم يكن السلطة والمال السبب في بروز الأزمة التي تعيشها الحركة الشعبية لتحرير السودان كما يروج له بعض الكتاب والاقلام المضللة، فكلنا يعلم ان هناك أسباب موضوعية اضطرت الرفيق عبدالعزيز ادم الحلو لتقديم استقالته عن الحركة وهي نتيجة لتجاوزات الأمين العام والرئيس، لمبادئ الحركة ومشروع السودان الجديد وتقديم تنازلات للنظام بلا مقابل ستضر بمصالح المهمشين فكان لابد من تدراك الأمر بشكل مستعجل فجاءت قرارات مجلسي إقليم جبال النوبة والنيل الازرق لإنهاء الفوضى داخل أروقة الحركة وقطع الطريق امام الانتهازية وأصحاب المصالح الشخصية.

ومن المعلوم بداهة ان الصراع في السودان يتمحور حول السلطة التي تسيطر عليها أقلية قليلة تتقمص الهوية العربية الإسلامية وتمارس التهميش الثقافي والاجتماعي على مجموعات عرقية، المتحدرة من أصل افريقي وتتحمل الأحزاب والتظيمات السياسية السودانية التي تعاقبت على السلطة منذ جلاء البريطانيين مسؤولية ما يحياه السودانيون من عدم استقرار وحروبات عبثية افضت إلى تقسيم البلاد.

عاجلا ام آجلا، ستتمكن الحركة الشعبية لتحرير السودان من تجاوز محنتها كما فعلت من قبل وستخرج منها قوية أكثر من أي وقت مضى، فهي أمل المهمشين وحلمهم الذي يحررهم من الاستعباد الإسلامي العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock