منوعات

ثقافات أفريقية: نساء ناميبيا الحمر

الدكتور حمدي عبدالرحمن

تعيش قبيلة الهيمبا شبه البدوية في منطقة كونين النائية شمال ناميبيا، وتحاول جاهدة المحافظة على تراثها وعاداتها التليدة في ظل تدافع تيارات الثقافة المعولمة الوافدة. ويبلغ عدد سكان هذه القبيلة نحو خمسين ألف شخص، يحافظ معظمهم على نمط الحياة البدائي القديم فيلبسون الجلود ويتنقلون سعيا وراء مصادر المياه والكلأ. وللشعر عند نساء قبيلة الهيمبا أهميته الخاصة، حيث تقوم المرأة بجدل شعرها على شكل ضفائر، وصبغه بمزيج لونه أحمر مصنوع من دهن الماعز وأكسيد الرصاص وبعض النباتات. والعجيب أن النساء يقمن بدهن جلودهن أيضا بهذا المزيج فتبدو النساء حمراوات اللون. ويعرف هذا الدهان باسم “أوتجيزي”، وقد يرى البعض بأنه يستخدم لحماية الجسم من حرارة الشمس الحارقة أو لدرء البعوض والحشرات، بيد أن قبيلة “الهيمبا” تراه طقساً جمالياً تقوم به نساء القبيلة بشكل يومي بمجرد نهوضهن من النوم . وما يؤكد ذلك هو أن استخدامه قاصر على النساء فقط من دون الرجال.
ويمكن وصف قبيلة الهيمبا بأنها نباتية بشكل عام فهم يأكلون العصيدة صباح مساء حيث يتركون الماء يغلي ثم يضعون فيه دقيق الذرة أو الدخن . وفي مناسبات نادرة مثل الأفراح قد يتناول أبناء الهيمبا اللحوم، ولكن ذلك يمثل الاستثناء وليس القاعدة.
وتدين الهيمبا بالمعتقدات التقليدية حيث يؤمنون بالإله الأعظم موكورو فيتواصلون معه من خلال النار المقدسة. فعندما يرتفع دخان النار المقدسة نحو السماء يكون بمقدورهم التواصل مع أسلافهم الذين هم على اتصال مباشر مع الكائن الأسمى موكورو. وفي كل قرية تجد النار المقدسة مشتعلة وبجوارها وضعت بعض الجذوع على الحجر المقدس لتغذيتها عند الحاجة.
ولعل أبرز مظاهر ثقافة الهيمبا هو عدم السماح للنساء باستخدام المياه للاغتسال سواء لأنفسهن أو لملابسهن. وربما يعزى ذلك إلى تقليد قديم يرتبط بندرة المياه نتيجة الجفاف أو اقتصار استخدامها على الرجال فقط. وعوضا عن الماء تأخذ نساء الهيمبا بالإضافة للدهان الأحمر حمام بخار يومي من أجل الحفاظ على النظافة الشخصية. إذ يتم وضع بعض الفحم المشتعل في وعاء به القليل من الأعشاب (أوراق الشجر والأغصان الصغيرة من أشجار كوميفورا). بعد تصاعد الدخان تنحني المرأة فوق الوعاء حتى تتصبب عرقا من شدة الحرارة. وللتمتع بحمام كامل للجسد كله تقوم المرأة بوضع بطانية فوقها بحيث يتخلل الدخان مسام جلدها. ولعلها عملية أقرب إلى حد ما لحمام البخور الذي تقوم به العروس السودانية.

مقالات ذات صلة