تقارير

تقرير : مسئولو السودان يتهربون من مواجهة الكوليرا

لندن :صوت الهامش

انتقدت الصحافية السودانية يسرا الباقر، حكومة الخرطوم على فشل الأخيرة في التصدّي لوباء الكوليرا المتفشي في البلاد؛ لافتة إلى أن وزارة الصحة السودانية استغرقت عشرة أشهر كاملة حتى تعلن عن وفاة 265 وإصابة 16 ألفا بحالات”إسهال مائي حاد” في 11 من أصل 18 ولاية سودانية.

يسرا الباقر :على المجتمع السوداني أن يعتمد على نفسه للوفاء باحتياجاته الأساسية

ونوهت الباقر -في تقرير نشرته (البي بي سي) على موقعها الإلكتروني- عن أن هذا الاعتراف المبدئي من جانب وزارة الصحة إنما جاء بعد اختراق المرض تخوم العاصمة السودانية الخرطوم؛ ولم يتردد الأطباء في تشخيص الحالات على أنها كوليرا، رغم إصرار الحكومة على تخفيف اللفظ في محاولة للحدّ من شدّة الأزمة – لكن الكوليرا تحت أي اسم كان هي كوليرا.
ومن جانبه، أخبر وزير الصحة الاتحادية، بحر أبو قردة، البرلمان أن حالات “الإسهال المائي” ليست من مسئولياته – مُنْحيًا باللائمة على وزارة الموارد المائية ووزراء الدولة…. أما مأمون حميدة، وزير الصحة في ولاية الخرطوم، فقد علق لافتة على باب مستشفاه الخاص مكتوب عليها “ممنوع دخول أي حالة إسهال مائي”.
ورصدت الباقر، اعتقال الصحافي عمار الضو، في أبريل الماضي على خلفية كتابته عن تفشي الوباء حيث واجه اتهامات بالتشهير والتشويه.
ونبهت الكاتبة إلى أن حالات الإصابة بالكوليرا تتزايد بينما مسئولي الدولة مستمرون في التملص من المسئولية والتخاذل عن اتخاذ التدابير اللازمة.


وتأكدتْ أولى حالات العدوى في شهر أغسطس 20166، في ولاية النيل الأبيض حيث حددت الحكومة مخيمات اللاجئين الجنوب سودانيين على أنها مصدر انتشار الوباء؛ وأيًا كان مصدر العدوى، فإن البنية التحتية المتهدمة للسودان ونظامه الصحي الفقير تهيئ المناخ لانتشار المرض؛ كما أن التجهيزات الطبية الفقيرة وخدمات الطوارئ المتهالكة والأطباء ذوي الرواتب المتدنية الذين يعتصمون بشكل متواتر منذ أكتوبر 2016 – كل ذلك ترك البلاد عُرضة لانتشار المرض.
وقد سلط المسعفون الضوءَ على الافتقار إلى مناطق للحجر الصحي، وتمّ تداول الصور على الإنترنت لمياه غير صالحة للشرب تنساب من الصنابير عبر البلاد؛ كما يقوم الأئمة بنشر الوعي في خطب أيام الجمعة في المساجد عبر العاصمة الخرطوم، داعين الحكومة إلى معالجة المشكلة وداعين الله أن يمنع وقوع كارثة؛ كما يتناقل المواطنون عبر العاصمة منشورات للتوعية من المرض، فيما يتحدث النشطاء على تويتر وفيسبوك لنشر الوعي وانتقاد طريقة الحكومة في التعاطي مع الأزمة.

ونوهت الباقر في تقريرها عن أن تظاهرات اندلعت في (المقابر) بعد الدفن الجماعي لعشرات الجثث، كلها ضحايا الكوليرا؛ وقد نظم محليون اعتصامَين في ولاية النيل الأبيض – لكن كل ذلك لم يلق أذنًا واعية من جانب المسئولين.
أما منظمة الصحة العالمية فقد آثرت الصمت على نحو باعث على التشاؤم في وجه الأزمة المتفاقمة؛ ويرى البعض أن الضغط من جانب الحكومة (التي لم تخجل من طرد مسئول الأمم المتحدة لقوله ما لم يروقها سماعه) ترك منظمة الصحة العالمية في حالة لا تجد معها ما تقوله.
وقالت الباقر: “والحالة تلك، فإن كلمة “كوليرا” تبدو كلمة الانطلاق؛ وقد لجأ مستخدمو تويتر من السودانيين إلى نشْر هاشتاج #الكوليرا_في_السودان، على أمل اجتذاب اهتمام المجتمع الدولي والضغط على الحكومة لاتخاذ التدبير اللازمة، لا سيما وأن الضغط الدولي أجبر الحكومة السودانية من قبل على عودة الدعم على الأدوية المستوردة في نوفمبر الماضي.
واختتمت الباقر قائلة: “مرة أخرى، على المجتمع السوداني أن يعتمد على نفسه للوفاء باحتياجاته الأساسية”.

مقالات ذات صلة