تقارير

تقرير: شركة محاماة أمريكية تتعرض لانتقادات واسعة من الحقوقيين بعد قرارها الدفاع عن حكومة البشير

واشنطن : صوت الهامش

رصد الكاتب الأمريكي روبي جرامر، تعاقد الحكومة السودانية مع شركة ‘سكواير باتون بوغز’ للمحاماة والضغط، وذلك للمساعدة في رفع العقوبات الأمريكية المفروضة منذ نحو 20 عاما على السودان المُصنّف أمريكيا كدولة راعية للإرهاب ومتورطة في عمليات إبادة جماعية.

ورأى جرامر -في تقرير نشرته مجلة (فورين بوليسي)- أن تلك الخطوة تركتْ شركة ‘سكواير باتون بوغز’ هدفًًا لسهام الحقوقيين؛ وبحسب نماذج إقرارات الذمة التي قدمتها الشركة الشهر الجاري إلى وزارة العدل، فإن ‘سكواير باتون بوغز’ ستساعد الحكومة السودانية مقابل 40 ألف دولار شهريا لتتفادى عودة العقوبات الأمريكية على السودان ولتحديد وتنفيذ استراتيجيات تستهدف تحسين المناخ الاستثماري في البلاد.

وأكد الكاتب أن قرار الشركة الأمريكية بتمثيل الحكومة السودانية، والرئيس عمر البشير بالتبعية، هذا القرار أثار حفيظة العديد من الحقوقيين؛ فالبشير الذي يستحوذ على السلطة منذ عام 1989، مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية 3 اتهامات بارتكاب عمليات إبادة، واتهامين باقتراف جرائم حرب، وخمسة اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تشمل اغتصاب وتعذيب وقتل- جميع تلك الاتهامات تتعلق بالصراع الدموي المستعر للآن في إقليم دارفور؛ وبحسب حكومة الولايات المتحدة، فإن السودان لا يزال دولة راعية للإرهاب.

وقال جون برندرغاست، مدير منظمة«كفاية» الأمريكية المناهضة لعمليات الإبادة الجماعية، وتتخذ من واشنطن مقرًا لها، “من الناحية القانونية، يمكن لشركة ‘سكواير باتون بوغز’ أن تفعل ذلك، لكن السؤال هو: هل ثمة خط في مكان ما في شارع (k) لا ينبغي تخطيه؟ في رأيي تلك أموال مغموسة بالدماء.”

من جانبها، رفضت ‘سكواير باتون بوغز’ التعليق على تفاصيل شراكتها مع السودان عندما سألتها مجلة الـفورين بوليسي، لكن المتحدث باسم الشركة رد في رسالة على البريد الإلكتروني للمجلة قائلا “لعقود خلت، قمنا بتمثيل حكومات أجنبية ومؤسسات حكومية أجنبية في حالة حوار بنّاء مع الولايات المتحدة، أو تتخذ معها حكومة الأخيرة خطوات لتعزيز أو تجديد العلاقات”.

ونبّه الكاتب إلى أن السودان تعاقد مع الشركة الشهر الجاري، قبيل البتّ في العقوبات الأمريكية؛ والتي كان الرئيس السابق باراك أوباما قد خففّها في أيام حكمه الأخيرة في شهر يناير، مشيرًا إلى بعض التقدم على أصعدة مكافحة الإرهاب وغيرها من الأولويات الأمريكية، ومعطيًا السودان مهلة قوامها 6 أشهر؛ وقد رفع قرار أوباما بعض القيود على صناعة النفط وقطاعات تجارية أخرى بالسودان.

لكن بداية من 122 يوليو المقبل، يمكن لإدارة ترامب أن تقرر بشكل نهائي رفع العقوبات إذا هي رأتْ أن السودان قد أحرز تقدما كافيا على خمسة أصعدة: ,وقْف الأعمال العدائية في إقليم دارفور؛ ووقْف التدخل في جنوب السودان الذي مزقته الحرب؛ وتحسين التعاون على صعيد مكافحة الإرهاب؛ ودعْم وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة بالحروب في البلاد؛ وملاحقة جماعة ‘جيش الرب’ المتمردة سيئة السمعة.

وفي موعد أقصاه 12 يوليو، سيتقدم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للرئيس دونالد ترمب بتوصية حول الرفع النهائي من عدمه للعقوبات؛ فيما رفض مسئول بوزارة الخارجية التعليق على ما تم إنجازه في المراجعة (الاستعراض)، مكتفيا بالقول إن وزارة الخارجية “ستتخذ القرار النهائي في يوليو مستعينة بمعلومات من عدة جهات مشتركة”.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص السابق للسودان وجنوب السودان، برنستون لايمان، إنه مهما كانت نتيجة المراجعة (الاستعراض)، فإن القرار لن يرفع بشكل نهائي كافة العقوبات؛ وسيظل السودان عرضة لعقوبات تشريعية مُستلهمة من قضية دارفور وعقوبات أخرى بسبب رعاية الإرهاب – هذا وذاك إضافة إلى حاجة السودان الماسّة إلى التخفف من عبء الدين الوطني، من شأن ذلك كله أن يكون بمثابة أدوات إضافية لنفوذ واشنطن.
وبينما النقاش محتدم في واشنطن، فإن ميليشيات مدعومة من الحكومة السودانية تواصل مداهمة ونهب وسلب بعض أجزاء في البلاد، حسبما تشير تقارير لجماعات حقوقية ومحلية.

ويرى ريان بويت، وهو ناشط أمريكي عاش في السودان نحو 155 عاما وبدأ في تغطية الوقائع عام 2011 راصدًا اعتداءات الحكومة – يرى أن “رفع تلك العقوبات كفيل بشرعنة (إضفاء الشرعية على) الحكومة السودانية؛ إن ذلك أمر محبط ومثبط؛ إنني في الخطوط الأمامية أشاهد هؤلاء الناس بينما يفرون من القنابل فيما تحترق قُراهم؛ يا له من أمر محبط أن نرى حكومتنا (الأمريكية) مستعدة لرفع العقوبات”.

ويقول فرانك وولف، عضو الكونجرس السابق من فرجينيا والذي كان ناشطا حقوقيا في الكونجرس وهو أول عضو يزور السودان بعد اشتعال عملية الإبادة الجماعية في مطلع الألفية الثالثة: “من منظور أخلاقي، لا يمكن رفع العقوبات عن حكومة ارتكبت عمليات إبادة جماعية؛ إن قرارًا كهذا بمثابة وصمة عار، ولا أظن أن أي شخص حول العالم أو حول أفريقيا يمكنه أن يتفهم مثل ذلك القرار”.

على الجانب الآخر، لم تستجب سفارة السودان بشكل فوري لطلب بالتعليق على القضية؛ وكان ترمب وتيلرسون قد أعلنا بوضوح أنهما يُقدّمان الأمن القومي والجغرافيا السياسية الصعبة على قضايا حقوق الإنسان؛ وعلى الرغم من استضافة السودان لأسامة بن لادن أربعة أعوام في منتصف حقبة التسعينيات قبل ارتحاله إلى أفغانستان، إلا أن السودان يُسوّق لنفسه باعتباره حليفًا في حملة ترمب لمكافحة الإرهاب، كما يتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية لملاحقة وتعقب الإرهابيين؛ ويبدو أن تلك الاستراتيجية السودانية مُجْدية، بحسب برندرغاست، مؤسس منظمة ‘إناف بروجيكت’ الذي يؤكد أن “السوادن أتقن اللعبة بمهارة فائقة؛ إنهم يعرفون بالضبط ماذا نريد”.

أما فرانك وولف، الذي قضى 34 عاما في الكونجرس، فهو ليس غريبا في شارع k، لكنه عبر عن إحباطه من قرار شركة ‘سكواير باتون بوغز’ بتمثيل الخرطوم، قائلا: “أعرف الكثير من الأشخاص في ‘سكواير باتون بوغز’ إنهم أناس طيبون، إنهم أفضل من ذلك، أعتقد أن ذلك كان لابد خطأ انزلقت إليه الشركة؛ إنهم أفضل من ذلك”.

مقالات ذات صلة