تقارير

تباينت الاراء حول نجاحه من فشله العصيان المدني ما بين الواقع والنكران

الخرطوم:صوت الهامش

تباينت ردود أفعال المواطنين والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني حول العصيان المدني واختلفت التقديرات حول نجاحه من فشلها ففي الوقت الذي يقول فيه ناشطون وداعمون للعصيان بانه نجح وحقق اهدافه تقول الحكومة ومناصريها بانه لم يحقق شئيا.

حقيقة العصيان المدني

خواتيم نوفمبر الماضي قامت وزارة الصحة بإتخاذ قرار رفع الدعم عن الادوية الأمر الذي أدى الى إرتفاع أسعاره ما بين 25% الى 300% مما وضع بعض الادوية في دائرة الندرة والإنعدام ، ومنها بخاخ الازمة ( الفولترين )كما ساهمت تلك الاجراءات في عدم قدرة المرضى على شراء الادوية الامر الذي أدى بدوره الى تدهور بعض حالات المرض.

إحتجاج ورفض

هذه الإجراءات التي أتخذت من قبل وزراة الصحة أدت الى خلق رأى عام وسط رواد مواقع التواصل الإجتماعي حيث بدأت بعض الفتيات بتنظيم مظاهرة رُفعت فيها لافتات تندد برفع سعر الدواء، جات الفكرة نابعة من وجدان إنساني خالص وإحساس بمعاناة من لم يستطيعوا توفير الادوية للعلاج اللازم وقُوبلت المظاهرات بالقمع رغم استمراريتها ليومين متتالين شارك فيها بعض الشباب ، قُوبلت بالقمع من قبل قوات الشرطة والامن.

بداية العصيان

من هذه الاحتجاجات المطلبية بداءت الدعوه للعصيان المدني في السابع والعشرين من نوفمبر المنصرم لمدة ثلاثة أيام متواصلة لتفادي الخسائر التي قد تحدث نتيجة للمظاهرات ، بهدف إعادة الدعم لسلعة الدواء وذلك بإنشاء هاشتاق رفع الدعم عن الادوية أُطلق في فيس بوك وتويتر ، نفذه ناشطي مواقع التواصل الإجتماعي وشريحة واسعة من الشعب فالعصيان المدني الذي بدأ في السابع والعشرين وأستمر حتى التاسع والعشرين من ذات الشهر أدى الى إستعداد القوات النظامية( الشرطة والامن والجيش ) بنسبة 100% ، الامر الذي أجبرت وزارة الصحة على معالجة قرارتها في رفع سعر الدواء وأُقالة الامين العام للمجلس الاعلى للادوية والسموم .

نجاح العصيان

ففي الوقت الذي ينكر فيه المسؤولين نجاح العصيان المدني الا ان تصريحاتهم والإجراءات التي أتخذت لمعالجة ارتفاع أسعار الادوية والتركيز الاعلامي من خلال الحملات المضادة للعصيان أكدت علي نجاحه وصرح أكثر من مسؤول بفشل العصيان وكان أبرزها تصريح البشير اثناء مخاطبته للحشد الجماهيري في مدينة كسلا بأن العصيان مؤامرة من الاحزاب ا لمعارضة ومجرد أشخاص يجلسون خلف الكيبورد.
وفي الاثناء ان الدليل الاكبر على نجاح العصيان هو ماخلقه من ربكة واضحة داخل الحزب الحاكم حيث أعلن عن الاحتفال بعيد الاستقلال في التاسع عشر من ديسمبر وهو اليوم المقرر للعصيان المدني الثاني ،بجانب الإحتفالات في القنوات الفضائية والشارع العام قبالة صيدلية كمبال في قلب السوق العربي  بالخرطوم بدلاًعن من كل الرموز الوطنية مثل نصب عبد الفضيل الماظ وشوارع المك نمر وغيرها من الرموز الوطنية وهذا يدل على نجاح العصيان المدني في التاسع عشر من ديسمبر .
فالحملات الإعلامية المضادة وتصريح الرئيس والمسؤولين -و الاحتفالات في اليوم المقرر للعصيان – والإعلان عن وظائف في مختلف الوزارات ) دليل واضح على نجاح العصيان المدني وترسيخ للمعنى الحقيقي له وهو ليس المكوث في المنازل من غير حركة إنما الضغط من قبل الشعب على الحكومة رفضا للوضع القائم والسياسات الممارسة داخلياً وخارجياً .

نجاح بكل المقاييس

عثمان نواى الأهم أن ندرك أن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه (صوت الهامش)

الي ذلك قال المدون والناشط الحقوقي عثمان نواي ل(صوت الهامش) قال لا أعتقد أن العصيان قد فشل على الإطلاق، بل هو ناجح بمقاييس عديدة ، اول تلك المقاييس هو مقياس تنوع المشاركة والتواجد القوى لمدن الهامش خاصة دارفور، التي شهدت تفاعل كبير من كل المدن الكبرى زالنجي والجنينة ونيالا فضلا عن دخول مدن شرق السودان ووسطه أيضا كان أمرا يدعو للتفاؤل.
اعتقد ان ما يحدث الآن من حراك إجتماعي وسياسي يشكل قوة دفع وطاقة بناء وثقة كبيرة بين القوى الفاعلة في المجتمع بكل أطيافه، واضاف ان التلاحم والقدرة على التواصل بين فئات المجتمع السوداني على تنوعه يعد انتصار حقيقي لجهة ان النقطة الرئيسية التي يلعب عليها النظام هو تشتت القوى السياسية والاجتماعية.
أما هذا الفعل المتواصل والحراك الشعبي بامتياز فإنه يقلب حسابات النظام الذي يركز فقط على القوى السياسية ويخرج الشعب من المعادلة، لكن العصيان كفعل ثوري سلمي أعاد صوت الشعب بقوة للتأثير في مجريات التغيير القادم لا محالة.
وما رعب النظام الا من هذا المارد الذي استيقظ والشعب الان يمرن عضلاته لأجل المباراة الحاسمة لاقتلاع هذا النظام وأشار “نواي” أن الاستعجال للنتائج ليس من المصلحة فالتوحد والعمل المشترك هو الذي يوحدنا كسودانيين لاقتلاع هذا النظام الأمر الذي يبشر بأن الشعب السوداني لن يقع في براثن العنف والتطرف التي يخطط لها النظام ولن يسمح له بانتزاع فرصة هذا الوطن في مستقبل ديمقراطي وحر ويحقق الكرامة والمواطنة المتساوية للجميع ،قد لا تكون الاستجابة بقدر توقعات الجميع لكن اعتقد ان مقدار الاستجابة تناسب مع توسع رقعة المدن التي استجابت فميزة عصيان 19 ديسمبر انه سوداني كامل الدسم لم ينحصر في العاصمة فقط، ولهذا يجب النظر للإستجابة بشكل مختلف.
وأوضح نواي انه لا يخفى على أحد أن النظام سخر آلة إعلامية وأموال لتصوير بفشل العصيان، لكن الأهم أن ندرك أن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه وهناك الكثير من الفئات التي تحتاج إلى بناء جسور الثقة معها حتى تتفاعل بشكل أكبر ،ولهذا لا بد من المواصلة في بناء التحالفات والعمل المباشر مع الناس.

مقالات ذات صلة