تقارير

باحث: السيطرة على “موسى هلال” ليست سهلة والبشير لا يمتلك الكثير من الخيارات على هذا الصعيد

لندن: صوت الهامش

حذر الباحث بجامعة لندن، أحمد حسين آدم، من تفاقم الأوضاع في السودان على نحو ينذر باندلاع موجة جديدة من الحرب والفوضى في إقليم دارفور وتهديد العاصمة الخرطوم.

وفي مقال نشره موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية، واطلعت عليه (صوت الهامش) ، رصد الباحث ارتفاعا في حدة التوترات بين النظام في الخرطوم من جهة وموسى هلال قائد ميليشيا حرس الحدود من جهة أخرى والذي هدد بعمل عسكري ضد النظام حال إقدام الأخير على مصادرة الأسلحة والمركبات غير المرخصة في إقليم دارفور فيما اعتبره هلال بمثابة حملة تستهدف القضاء عليه.
واستبعد الباحث أن تكون عملية السيطرة على هلال أمرًا سهلا، قائلا إن الرئيس عمر البشير لا يمتلك الكثير من الخيارات على هذا الصعيد.

ويحظى هلال كقائد لميليشيا حرس الحدود بولاء نحو 3000 جندي متمركزين في شمال دارفور.
ولفت الباحث إلى أن الخلاف بين هلال والنظام احتدم بعد قيام البشير بتعيين ثاني أبرز قيادات حرس الحدود، حمدان حميدتي، قائدا ميدانيا لقوات الدعم السريع، ذات الاتصال المباشر بالرئاسة؛ لينسحب هلال بعد ذلك في 2014 من الحزب الحاكم ويؤسس مجلس الصحوة الثوري ليكون بمثابة ذراع دبلوماسية تدافع عن مصالحه، كما يضطلع المجلس بدور إداري وقضائي في المناطق الخاضعة لسيطرة هلال في دارفور.

ومنذ تدهور العلاقات بينه وبين النظام، اتهم هلال جهاز أمن النظام بمحاولة اغتياله عدة مرات، وقال هلال غير مرة أن البشير لا يعامله بإنصاف ولم يكافئه على ما قدم من تضحيات عندما حارب إلى جوار الحكومة في خندق واحد ضد المعارضة المسلحة في دارفور.

ورأى الباحث أن هلال تخطّى الخطوط الحمراء التي رسمها النظام عبر تدشين تواصل مع الجنرال الليبي خليفة حفتر والذي تعتبره حكومة السودان بمثابة عدو متهمة إياه بدعم جماعات مسلحة لزعزعة الاستقرار في دارفور؛ وعلى الجانب الآخر، يتهم الجنرال حفتر نظام البشير بدعم خصومه في ليبيا.

وفي غضون الأسابيع القليلة الماضية، صعّد هلال حربا كلامية ضد بعض مسئولي الحكومة، متهما إياهم بالفساد والتآمر والخيانة، موجها سهامه تحديدا صوب كل من نائب الرئيس عبد الرحمن و حميدتي؛ ففي مقطع فيديو انتشر بشكل واسع، اتهم هلال الرجلين بسرقة ملايين الدولارات التي قدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة للحكومة السودانية مقابل المشاركة في حرب اليمن والتي عارض هلال مشاركة ميليشيا الدعم السريع فيها.

وقال الباحث إنه من الواضح أن هلال بات بمثابة مشكلة وعقبة حقيقية تعترض طريق البشير وبطانته، لما يشكله هلال من تهديد عسكري وسياسي، فضلا عن كونه مصدر خطر قضائي وقانوني على البشير نظرا لما يمتلكه هلال من الكثير من المعلومات المهمة بخصوص ما ارتُكب من فظائع في إقليم دارفور.

إلا أن نظام البشير لا يبدو في حالة مواتية لمجابهة هلال عسكريا، نظرا لأن قوات النظام المسلحة وميليشياته في حالة من الإنهاك والتشرذم؛ فثمة مجموعات من تلك القوات تحيط بالعاصمة الخرطوم خشية أي هجوم مسلح محتمل وثمة قوات أخرى في اليمن كجزء من التحالف السعودي الذي يقاتل جماعة الحوثي.

فضلا عن ذلك، يخشى نظام البشير من أن تفضي أية مواجهة مع هلال إلى انشقاقات واسعة بين صفوف قوات الدعم السريع.

على الجانب الآخر، يقول الباحث، إن بعض العناصر من رجال هلال تغريه بمواجهة عسكرية مع النظام، لكنه أيضا متخوف من شن تمرد مسلح مباشر وهو يعلم أن معقله في “مستريحة” شمالي دارفور محاط بالعديد من قواعد النظام العسكرية فضلا عما يحظى به هذا النظام من تفوق جوي يتمثل في الطائرات الحربية.

وعليه، استبعد الباحث، أن يقدم هلال على عمل عسكري ضد نظام البشير ما لم يضمن دعما كاملا من كل من الرئيس التشادي إدريس ديبي (زوج ابنة هلال) والجنرال حفتر في ليبيا.

وأكد الباحث أن هذا الموقف من هلال لا يعكس تغيّرا في مبدأ الرجل أو تحولا عن ماضيه الإجرامي وهو الذي لم يعتذر أبدا عن جرائمه ومن غير المحتمل أن يفعل – المسألة إذن مسألة خلاف مع البشير في تصفية الحسابات القديمة؛ وهذا هو السبب في حرص هلال في اختيار كلماته بعناية، فهو لم يهاجم البشير أو الجيش السوداني صراحةً، على العكس من ذلك، يردد هلال أن قواته في حرس الحدود هي لا تزال جزءا من القوات المسلحة السودانية.

وعليه، رجح الباحث أن يحاول البشير احتواء هلال بمنحه امتيازات فيما يتعلق بالصلاحيات والموارد كما فعل من قبل كثيرا؛ ومن المحتمل أن يقدم البشير على إقالة نائب الرئيس عبد الرحمن لنزع فتيل التوتر ويعطي لهلال كلمةً في تعيين بعض المناصب السياسية في الدولة؛ ومن المحتمل أيضا أن يحظى هلال بصلاحية دخول منطقة جبل عامر لمواصلة استخراج الذهب دونما عائق.

ثمة سيناريو آخر، طرحه الباحث، تمثل في أن يلجأ البشير إلى إغراء كلا من هلال (في حرس الحدود) وحميدتي (في الدعم السريع) بالاقتتال أحدهما ضد الآخر، وإضعاف شوكتهما معا؛ وفي ظل تراجع المعارضة المسلحة الدارفورية على مدار السنوات الأخيرة من ناحية والاستغناء عن خدمات ميليشيات الجنجويد من ناحية أخرى، فإن القوتين باتتا تشكلان تهديدا أمنيا لنظام البشير، ومن ثم فإن إغراءهما بالاقتتال إحداهما ضد الأخرى يمثل الحل الأمثل من وجهة نظر النظام.

من جانبه، رأى الباحث في ختام مقاله، أن السودان اليوم بحاجة ماسة إلى خطة سلام شاملة وعملية انتقال سياسية محكمة إلى حكومة ديمقراطية…. هذا هو السبيل الوحيد للحيلولة دون تجدد اندلاع الصراع على نحو قد لا تحمد عقباه على صعيدَي السلم والأمن الإقليمي والدولي.

للاطلاع على المقال باللغة الإنجليزية اضغط هنا

مقالات ذات صلة