مقالات وآراء

الهرج بين قانون الدعم السريع و مشاركه المؤتمر الشعبي و عودة المهدي و سكوت الشعب

أن تطورات ومآلات الساحة السياسية في السودان في بداية هذا العام مثيرة للجدل ، حيث بدأ العام بمجازر في دارفور ، قانون لمليشيات الدعم السريع ، مشاركه المؤتمر الشعبي الشقيق الاصغر للمؤتمر الوطني ، سكوت الشعب عن التغيير ، اختفاء المعارضة في فنادق خمسه نجوم ، أحتمال عودة زعيم الدراويش صاحب القرارين تارتاً مع المعارضة وتارتاً مع النظام ، كل هذه الأحداث تدور الأن في الوطن المشلول .
وبرغم هذه البدايات التي قد تعكس نوعاً من اليأس ، ما يجري حالياً في سوداننا من هرج ومرج سياسي كفيلة بتغيير النظام وجميع معاونيه . قانون بأنشاء قوات الدعم السريع القائمة فعلاً وإتباعها للقوات المُسلَّحة السُّودانية وتحت إمرة قائدها الأعلى البشير كما هو معلوم ، وترتيب أوضاع هذه المليشيات وتنظيم علاقتها بالجيش والقوات النظامية الأخرى، في ظل المُتغيرات السياسية بالبلاد ، فمليشيا الدعم السريع المعروفة بالـجنجويد عبارة عن عصابات شكلتها الحكومة ، وتعمل منذ إنشائها وحَتَّى الآن بلا أي قانون وخارج الدستور، دون رقيبٍ أو حسيب ولم يُفكر البرلمان في هذا التجاوُز التشريعي والإجرائي والتنفيذي الصارخ، لا سيما في ظل الإجرام المُتزايد لهذه المليشيات، سواء بدارفور والمنطقتين أو بكل مناطق السُّودان بما في ذلك الخرطوم العاصمة! كما لم يتوقف البرلمان في المُخصَّصات المالية الضخمة لمليشيا الدعم السريع، بمعزلٍ عن مُوازنة الدولة العامَّة أو مُوازنة جهاز الأمن الذي قيل بأنَّ الدعم السريع تتبع له، وفق تصريحات البشير وعصابته الإسلاموية المُوثَّقة، حينما تمَّ تعديل الدستور خصيصاً لـشَرْعَنَة جهاز الأمن والمُخابرات! مع مُلاحظة أنَّ التعديلات الدستورية التي أجراها البشير، جَرَّدَتْ الجيش السُّوداني من مهامه الأصيلة ومَنَحَتْهَا لجهاز الأمن ومليشياته المُسمَّاة الدعم السريع ، وهي جريمة ترتقي لمُستوى الكارثة، وأسفرت عن اختلالات دستورية وقانونية كبيرة، تَجَلَّت في اعتبار جهاز الأمن قوة نظامية قومية مُهمَّتها رعاية الأمن الوطني الداخلي والخارجي ورصد الوقائع المتعلقة بذلك، وتحليل مغازيها وخطرها واتخاذ تدابير الوقاية منها، والقيام بمُكافحة المُهدِّدات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية كافة، والإرهاب والجرائم عبر الأراضي الوطنية بالتنسيق مع القوات النظامية الأخرى! مما يعني عملياً إلغاء دور الجيش وحرمانه وتجريده من مهامه الأصيلة المعروفة دولياً وإقليمياً، وهذا يكشف حجم التضارُب والتناقُض والاختلالات والشكوك الكبيرة التي تعتري أي خطوة مُتعلقة بهذه المليشيات خصوصاً، وجهاز الأمن عموماً..! ولعلَّنا نتساءل بصوتٍ عالٍ عن مَغزى هذا القانون والتعجُّل الفاضح في اعتماده وإجازته؟ وكيف سيُوفِّقون بين التعديلات الدستورية التي ألغوا بها دور الجيش لصالح جهاز الأمن؟ وما هي مهام كلٍ منهما وهل يعني ذلك أنَّ التعديل سيشمل أيضاً تلك المهام؟ ولماذا لم يتوقف البرلمان على كيفية عمل مليشيا الدعم السريع طيلة الفترة الماضية؟ وهل قام بتقييم مُمارساتها ومتى وعلى أي أساس معيار او معايير وما هي نتيجة ذلك التقييم والمُعالجات التي اقترحوها في ضوء ما تحصلوا عليه من نتائج؟ وهل أشركوا فيها القانونيين؟! والأهم من هذا وذاك، هل تحتاج القوات المُسلَّحة فعلياً لمليشيا الدعم السريع؟ وكيف سيتم تحقيق التوازُن بين مُعطيات مؤهلات واقع قدرات أفراد هذه المليشيا وبين مُتطلَّبات الانتساب للقوات المُسلَّحة، سواء كانت مُتطلَّبات أكاديمية أو مهنية أو أخلاقية، خاصَّةً مع السيرة السيئة لمليشيا الدعم السريع، وتجاوُزاتها حتَّى ضد الجيش نفسه، ولعلَّ الجميع يتذكَّرون ما فعلوه بضابط الجيش رتبة عميد بالضعين قبل عامين، حينما جلدوه بالكُرباج كما يُجلد الحمار وجعلوه بـاللباس أمام جنوده دون مُساءَلَةٍ أو عقاب . أكدت مريم وهي ابنة الصادق المهدي عودة الإمام في الـ26 من يناير كانون الثاني 2017 الذي يصادف ذكرى تحرير الخرطوم، وستكون عودة نهائية، وتقدمت مريم بالشكر لأعضاء المؤتمر الشعبي على مشاعرهم النبيلة بشأن مناشدتهم للمهدي بالعودة في وقت سابق، وقالت: إقامة المهدي خارج البلاد جاءت لظروف اقتضت وجوده خارج البلاد لبعض الأعمال وإنه انتهى منها العام الماضي، غير أن الحزب أرجأ عودته لاعتبارات معينة . أعلن حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض قرار المشاركة في حكومة الوفاق الوطني المرتقبة بـمستوياتها المختلفة وذلك بعد 17 عاماً من الانشقاق الشهير بين حزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بقيادة الراحل حسن الترابي، وتحول الأخير إلى معارض شرس للنظام الذي أوصله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1989. ويُنتظر أن تعلن، خلال الشهر الحالي، حكومة الوفاق الوطني كإحدى مخرجات الحوار الوطني، الذي أنهى أعماله في أكتوبر تشرين الأول الماضي، وشاركت فيه أحزاب الحكومة، فضلاً عن أحزاب معارضة ليست ذات فعالية في المشهد السياسي، باستثناء المؤتمر الشعبي ، فيما قاطعته الحركات المسلحة الفاعلة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بالإضافة إلى قوى المعارضة الرئيسية، بينها حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي. يجب ان يحرص الشعب على التمسك بحقوقه الدستورية في حرية التعبير عن الراي حتى لا تتعسف السلطة و تتغول و كما يقال السلطة المطلقة تؤدي الي المفسدة المطلقة و يقودنا الي الدكتاتورية ، وجد الشعب سكت عن الدكتاتورية فقادته الي هذا الوضع المأساوي .
الطيب محمد جاده

مقالات ذات صلة