مقالات وآراء

الهجرة الى المجهول

الهجرة الى المجهول.. اصدق تسمية ممكن ان نطلقها على موجات الهروب الجماعي لشباب بلادي تخلصاً من أشياء وبحثاً عن اشياء..ربما تتحقق الاهداف وربما تخيب الامال ، هل فعلا ان من يهاجر سيبعد عن الموت والقهر والالم في بلاده؟
وهل رحلة المجهول ستحقق السعادة والامان والرخاء؟
الموت هنا وهناك والم في كل مكان ومن يحلم بالمستقبل يحققه هنا وهناك لكن قناعتي ان بلادي وان جارة علي عزيزتي واهلي وان ضنو علي كرام يبقى ارض الوطن اقدس واشرف واعطر من اي تراب في بقاع الارض وقناعتي ان فتح الابواب لهجرة كل الشباب الى الامل المجهول او الحتف المجهول وبهذا الكم الهائل والتسارع الكبير يعني اخلاء الوطن من قلبه النابض: الشباب وتجريده من اهم اسلحة البناء والرقي: الشباب.. ويعني ان يتحول الوطن الى كهولة بعد سلبه زهرة النضارة والجمال: الشباب.
قد يكون للهجرة والاغتراب اسبابها ومبرراتها في خضم الظروف التي يشهدها السودان من تمييز قبلي واثني وجغرافي وتهميش  وتضاؤل فرص الامل المتاحة للشباب من الحصول على العمل وتحقيق الذات وانعدام الامن والطمأنينة وعدم الاهتمام بالكفاءات حتى صار الشباب ينظر الى المستقبل بمنظار سوداوي لا بارقة أمل فيه.
للحكومة والمطبلين في السودان دوراً في انتشار هذه الظاهرة العنصرية لانها لم تقدم ما يجعل الشباب ان يعدل عن فكرت الهروب من الوطن ، ومن المأسف ان الفاسدون والمتخلفون هم من يتحكم بمصائر ومقدرات السودان دون السماح لاصحاب الشهادات والكفاءات والخبرات ان يمارسوا دورهم في قيادة الوطن حتى صار التهميش والبطالة صفتان ملازمتان للشباب.
ان الارتماء الى حضن المجهول بحثاً عن الرزق والاستقرار ليس مبرراً مقنعاً فالموت لا يعرف ارضاً محددة ويأتي هنا ويغيب هناك فكل انسان مصيره الفناء بأمر الله سبحانه وتعالى وقدرته فلن يعصمن من امر الله ان ذهبنا في بلاد اخرى.
المتابع لهذه الموجة الكبيرة التي عمت الشباب وصارت كالمرض يقف باستغراب من توقيتها حتى يخيل للمتابع كأنها مدبرة ومقصودة ولها اهدافها المرسومة خصوصاً وان اهلنا في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق يتعرضون الي حرباً ، فهل الغرض افراغ السودان من شبابه حتى يكون لقمة سائغة امام الكيزان؟
كيف نترك السودان عاري الصدر ونخذله لنرمي ارواحنا في المجهول في رحلة نسبة الموت فيها اكبر من نسبة الحياة ؟
مهما كانت اسبابنا ومنطقيتها ومبرراتها يبقى السودان فوق كل هذا فهل نعي ما يدور من حولنا؟
هل يعو الكيزان حجم الكارثة وضياع الشباب وهجرتهم الى المجهول؟
هل معارضتنا تتخذ خطوات من شانها ايقاف هذا النزيف بالطاقات وايجاد الوسائل التي تنصف الشباب وحماية السودانيين والتصدي لمن يعبث بمصيرهم ومستقبلهم؟
اقول فقط لكل مهاجر: نحن مشكلتنا الكيزان وليس السودان ، يموت الكيزان ويحيا السودان ، الوطن اغلي واشرف من اي كلب ظالم حقير.
الطيب محمد جاده

مقالات ذات صلة