مقالات وآراء

الضوء المظلم؛ في الموقف من الأزمة الخليجية لاتوجد منطقة وسطى بين قطر والسعودية.

 

إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين

ليست الحياد ضمن الخيارات المطروحة أمام الخرطوم فيما يتعلق بأزمة الخليج، إلا أن تختار بين الإثنين الوقوف مع قطر او دعم المملكة العربية السعودية وفي كلا الحالين تعتبر هي الخاسرة، والمستفيد الوحيد من هذه الأزمة الطارئة، الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في الحرب على الإرهاب.

وضعت الأزمة الخليجية بين الأشقاء العرب والتي اندلعت بسبب اتهامات لمشيخة قطر من قبل الولايات المتحدة الأميركية بدعم الإرهاب، حزب المؤتمر الوطني في موقف لا يحسد عليه، لاسيما وان قطر ظلت تدعم النظام في الخرطوم سياسيا وماليا في المحافل الدولية فيما يتعلق بأزمة دارفور ومحنة المحكمة الجنائية الدولية التي مازالت تقض مضاجع قيادات نافذة في الحزب الحاكم من بينهم رأس النظام الذي يبحث عن مخرج له للافلات من مذكرة الاعتقال الصادر في حقه في 4 آزار 2009ف ولكن دون جدوى.

وكذلك ضخت قطر مليارات الدولارات لإنعاش الإقتصاد السوداني المتدهور بسبب شح العملات الصعبة والتراجع المستمر لقيمة الجنيه مقابل الدولار ما أدى إلى اضطراب السوق ونشوب أزمة اقتصادية طاحنة ألقت بظلالها على حياة المواطنين وتسببت في إرتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية والسلع الاستهلاكية الأساسية، الأمر الذي دفع بخروج بعض الإحتجاجات في أيلول 2013ف انتهت بقمع النظام لها بعد مقتل العشرات بدم بارد.

ولن يستطيع نظام الخرطوم المتسول المرتزق ان يقف من الأزمة الخليجية موقف المحايد، كما ليس بامكانه مناصرة اي طرف في الصراع وأي تحرك من هذا القبيل، يضعه في حرج بالغ ولذلك لجأ النظام إلى أستخدام أحدى مخالبه، هيئة علماء السلطان للتعبير عن رفضه بشكل غير مباشر للمقاطعة والعزلة المفروضة على قطر، في محاولة فاشلة لإرضاء قطر بينما البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية، يبرز موقف محايد من الأزمة ومحاولة للتوسط لجسر الهوة بين الفرقاء او بالأحرى بين المعسكرين اللذين يريدان موقف مساند من الخرطوم لكليهما وهو مالم تستطع الأخيرة إتخاذه بسبب تورطه في قضايا وملفات اقليمية مقابل تلقي أموال، المشاركة في عاصفة الحزم، وفتح السودان ليكون ممرا لنقل الدعم اللوجستي القطري للجماعات الإرهابية في ليبيا.

ويملك السودان ثروة معدنية واراضي زراعية خصبة تبلغ مليارات الهكتارات فضلا عن مياه النيل ومياه جوفية وافرة بالإضافة إلى البترول واليورانيوم، وغيرها من الثروات الحيوانية والزراعية، تضاهي ما تملكه دول الخليج مجتمعة لكن سوء الإدارة والتخطيط الناجم عن سياسة الحركة الإسلامية المتهورة، حرمت السودانيين من استغلال هذه الثروة الضخمة استغلالاً أمثل والاستفادة من ريعها في محاربة الفقر المدقع وتطوير البنية التحتية وتعزيز التنمية في البلاد.

وبالرغم من الاتهامات الموجهة لها بدعم الإرهاب من قبل اميركا وحليفاتها، مازالت قطر، تحتضن أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وتحتفظ بعلاقات وثيقة معها. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بحسب التقارير حتى تشرين أول 2016ف، 5.5 مليار دولار هذا فضلا عن الصفقة التي ابرمتها قطر لشراء طائرات F15 من الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا.

وتعتبر المملكة العربية السعودية محبط الرسالة المحمدية ومنبت الفكر الوهابي، صانعة الإرهاب والراعي الرسمي للجماعات التكفيرية بما فيها تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمون التي تدعمها مشيخة قطر بالمال فيما تبلور التعاليم الإسلامية الدعوة التي تحفز المتطرفين إلى الإنتحار والعنف.

واستغل العرب الدين منذ ظهوره قبل أكثر من 14 قرن غطاءً مقدسا لتبرير النهب والإرهاب الفكري باسم الجهاد لحماية مصالحهم الاقتصادية والسياسية. وتميزت الحقبة التي بدأت فيها الدعوة جهرا ومايسمى الفتوحات الإسلامية بجرائم حرب وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، شكلت احداثها مرجعية ومنهج حكم، للجماعات التكفيرية السلفية المعاصرة بما فيها المملكة العربية السعودية، التي تطبق الحدود ضمن قوانين الشريعة الإسلامية.

ليس هناك مايجمع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية غير المصالح الاقتصادية والسياسية ولذلك تضمنت زيارة ترمب للمملكة احتفالات قدم فيها الملك سلمان هدايا تبلغ قيمتها ملايين الدلارات. وتبرز الخلافات المذهبية العميقة بين السنة والشيعة الصراع التاريخي على النفوذ والمصالح في الشرق الأوسط بين الفرس والعرب. ولكن من الصعوبة بمكان مقاربة لغز التحالف القطري الإيراني ضد المملكة العربية السعودية واصدقائها.

مقالات ذات صلة