مقالات وآراء

الضوء المظلم؛ التعليم في السودان أداة من أدوات القهر والتهميش..

إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين

يشكل التعليم في السودان أداة من ادوات النظام التي يستخدمها في القهر والإرهاب الفكري، ولعب التعليم دورا مهما منذ تأسيس دولة الجلابي في التهميش الثقافي وفرض الهوية العربية الإسلامية، عبر الخلاوى المدارس والجامعات التي ساهمت بشكل منهجي في تعزيز الهيمنة العربية وإزاحة الثقافة الوطنية.

يتمظهر فشل التعليم بالجامعات السودانية في تدني مستوى الخريحين وعجزهم عن منافسة نظرائهم خريجي الجامعات الإفريقية والعربية التي واكبت نظام التعليم في الدول المتقدمة غير أن مساهمة الأفارقة ودول الشرق الأوسط مجتمعة، في الإبداع التكنولوجي والصناعي تبقى ضئيلة فيما تتصدر هذه البلدان قوائم الفساد والتخلف بسبب الاحتراب الداخلي غير المبرر، الصراع على السلطة والثروة يفضى إلى هجرة جماعية وافراغ البلاد من الأيدي العاملة التي يمكن ان تساهم في اعادة التنمية وبناء ما دمرته الحرب، بعد عودة الإستقرار.

يرجع الفضل في تطور وتفوق الغرب في كل المجالات إلى تبنيه منهج تعليمي مستقل عن الدين والايدلوجيا ينمي المواهب ويحفز الطلاب على الابداع والتفكر، فيما تتخذ دولة الجلابي من التعليم أداة لتكريس الجهل والتهميش الثقافي.

وتعمل المناهج الدراسية في الغرب على تقييم اداء الطالب ومدى استيعابه للدروس، تحديد نقاط الضعف، في كافة المواد الدراسية بغية دعمه مع شرح موسع، حتى يتمكن من تجاوز أية صعوبات تواجهه في فهم المواد الدراسية، وهو نظام تتبناه معظم البلاد الإفريقية ولكن التعليم في السودان يحيل عقول الطلاب إلى – أقراص مدمجة – مشحونة بأفكار متطرفة تعتبر من المسلمات، لا تقبل النقد والرأي الآخر.

عبر تاريخ السودان المعاصر، برع المتفوقين في التحصيل الأكاديمي بعد توليهم زمام السلطة بالبلاد في تدمير مستقبل الاجيال الناشئة، ويتمظهر ذلك في ما يحياه السودانيون من حروبات وازمات مزمنة كرست السلطة في يد أقلية قليلة تسخر إمكانيات وموارد الدولة في تدميرها..

وتخرج معظم كوادر الأحزاب والتظيمات السياسية السودانية، في جامعة الخرطوم او مايعرف بكلية غردون التذكارية التي تعتبر من أميز الجامعات وكانت تحتل موقع مرموق ضمن التصنيف العالمي للجامعات والمعاهد العليا، ومن بين خريجيها مؤسس الحركة الإسلامية حسن الترابي والجنرال النيمري ومعظم قيادات دولة الجلابي ولاسيما حزب المؤتمر الوطني الذي اورد البلاد موارد الهلاك، بسياساته المتهورة التي ضربت الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي في مقتل.

ويبرز نتائج امتحانات مايسمى الشهادة السودانية وتفوق طلاب المركز واستحوازهم الدائم على المركز الاول، حجم الظلم الاجتماعي والتهميش في السودان؛ عدم تكافؤ الفرص والبيئة الدراسية الملائمة، انعدام الأمن والاستقرار بالمناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، في دارفور النيل الأزرق وجبال النوبة وهي سياسة ينتهجها النظام لتكريس الجهل والتخلف في تلك المناطق بغية عزل سكانها عن المشاركة في السلطة وصنع القرار.

ويبرز الفساد المستوطن وانتشار الفوضى، بالبلاد الإفريقية ودول العالم الثالث تفوق الحضارة الغربية التي تحض على الالتزام بالقيم الاخلاقية واحترام حقوق الإنسان بترسيخ مبدأ المساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية بين المواطنين بغض النظر عن الدين او العرق او اللون وهو ما يتعارض مع نهج دول افريقيا والشرق الاوسط بما فيها التي تتقمص الديمقراطية وتطبق الشريعة الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

مقالات ذات صلة