مقالات وآراء

اكذوبة حفلات التخريج

بقلم -حيدر عبدالكريم
haiderol17@gmail.com
لايخفي ان الخلاص من الدراسة الجامعية انجاز لا يضاهيه انجاز في حياة الفرد في وقت اصبح فيه الحصول على شهادة البكالريوس من ايه جامعة كانت يشكل ارتياح في نفس صاحبه واهله وعشيرته لجهة ان الغالبية يحلمون بمستقبل عملي كبير ينتظرهم يرسم البهجة والسرور في انفسهم لذلك نجد ان الاسر تبذل الغالي والنفيس من اجل تعليم ابناءها واول سؤال يبادر الي الذهن مع بلوغ الطفل سن التمدرس عايز تبقي شنو وتتوافر الاجوبة الرنانة من شاكلة دكتور – مهندس- استاذ والاخير اختفي في السنوات الاخيرة بسبب قلة دخله وان كان كل المهن المتخيلة التي يحلم بها اليافعين والبالغين اصبحت في كنف الخيال لا عائد له وسرعان ما تتبدد الاحلام مع السنوات الاولي بعد اكمال الدراسة الجامعية الا ان الكثيرين لا يزالوا في بساط عميق من النوم ويستدرجون لاحياء اكذوبة اسمها حفلات التخريج اشبه بمن يحاول الضحك في لحظة حزن كبير وبرع لصوص في استقطاب اعداد كبيرة لاحياء (اكذوبة) ارتكب مبتكره جريمة عظيمة في حق الاسر الذين يكابدون الضغوطات الحياتية للتعبير عن فرحة مفقودة في دواخلهم قبل ابناءهم الامر الاكثر سذاجة في حفلات التخريج انه اصبح في قبضة شركات راسمالية كبيرة تستثمر فيها بطرق بشعة الذي لا يمكن تصديقه ان تلك الشركات تضع تعرفة باهظة على التذاكر يصل سعر التذكرة العادية الي 30 جنيهاً ولا يصلح الا لدخول شخص واحد حتى الاطفال لا يشملهم استثناء ما يضع الاسر في مواقف محرجة جدا فاصبح التجهيز لتخريج الابن اشبه بمناسبة (زواج) بل وحقا هي زواج فضلاً عن الطقوس المصاحبة لها مثلا يقوم الخريجين بتنظيم حفلة حنة بصحبة فنان ومن ثم تنظيم (سيرة)صاخبة يجوبون بها طرقات العاصمة قبل ان يدخلون المسرح ببروفات لا تقل عن اعراس الملوك واستقبالهم بزغاريد وكواريك من الاهل والاصدقاء وياتي الاهل من جميع الولايات للمشاركة الابن او الابنة حفلة زواجه/ها المنعقد على شرف مسارح الجامعات لقد حضرت بالامس حفلة تخريج على مسرح كلية التربية البدنية والرياضية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لكليتي الهندسة (امدرمان الاسلامية) والدراسات الاقتصادية ( النيلين) للوهلة الاولي ظننت انني في حفل عام يحضره جميع مكونات المجتمع قبيل ان اقتنع انه حفل تخريج اتي اليه الاهالي من اصقال القري واطراف المدائن وعندما هممت بالدخول تزامن مع دخولي اسرة يربو عدد افرادها الي العشرة اشخاص بينهم اربعة اطفال يتراوح اعمارهم بين العامين والثمانية اعوام واندهشت عندما رفض البواب ادخال الاطفال الا بتذاكرة منفردة ما جعلني اتسال نفسي ان حفل مجموعة عقد الجلاد بكل تاريخها المديد يدخل اليه الناس ب30ج بصحبة ابناءهم وحفل تخريج لا تتوفر فيه سوء بعد الالحان الموسيقية ورقصات الخريجين بنفس السعر والاكثر ادهاشا ان هؤلاء الخريجين يكونوا قد دفعوا مبالغ لا يقل عن 1000ج مسبقا لاغراض التنظيم وهكذا امور وازداد تساؤلاتي هل يستطيع هذا الخريج ان يرد الجميل الي اسرته الكريمة الذي صرف عليه الملايين في الدراسة و(اكذوبة) التخريج مع حسبان الاجوار التي نتقاضه نحن الخريجين ووجدت المقارنة معدومة لعدة اعتبارات ويبشر الخريجين الواعيين بامتحان عسير يصعب الوفاء بمستلزماته مع مرور الايام والسنوات فهل يشكل حفل التخريج اهمية في حياة الطلاب تمهيدا لدخولهم في سوق العمل الغائب بين الافراح والاوهام يضيع جهود كبيرة كان الاجدر ان يكون راسمال للخريج لينخرط في حياة ما بعد الجامعة او ضريبة لاستخراج شهاداته /ها الجامعية ولكن اوهام ومضار المجتمع يضعهم في امتحانات عصيبة كل يوم فهل تفكرنا في الامور بشكل اكثر عقلانية قبيل تأييد طقوس لا تخدمنا بشيئ ؟ وهل المجتمع فاقد اعباء لاهلاكه بالمزيد ! الاجابة على كل هذه التساؤلات يخلق لنا ارضية تحليلية للنظر الي اكذوبة التخريج بعقلية تفحصية تقود الخريجين الي مستقبل اكثر واقعية وتجنب المجتمع اشكالية تنشب بسبب كارثة اسمها حفلة تخرج باستصحاب قرارات وزارة التعليم العالي التي منعت اقامة التخاريج في الصالات والاندية وحصرها في المحيط الجامعي ولكنها استفحلت واصبح اوسع ضررا من سابقها في انتظار اشعار مجتمعي تناهض وهم حفلات التخريج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock