مقالات وآراء

البشير يسقط في سوق أم درمان!

عثمان حسن

لا يغرنك الهدوء الذي تراه أمامك في سيارات فارهة، مظلل زجاجها، تتعالى على الواقفين على الأرصفة.. تراها و لا ترى من بداخلها.. و حافلات تتأبى على الزاحفين في الشوارع تمرق مسرعة و أيادي الواقفين مرفوعة تستجدي الحافلات أن تتوقف رحمة بأبناء السبيل.. * لا تأمن جانب الاستكانة اليومية التي تراها في وجوه الراجلين و الراجلات و الزاحفين و الزاحفات في الشوارع مع الصباح طلبا للرزق.. و أرزاقهم ليست ضمن أجندة البشير الذي لا يكترث كثيرا لندرة الخبز .. و لا لتدني نوعيته و تضاؤل حجمه.. و لا للجنيه يفقد بريقه.. و لا لعدم حصول المواطن على مبتغاه من وديعة أودعها المصارف، و يستجدي الصيارفة للحصول على المزيد من وديعته.. لكن كل الصيارفة في ثياب أسرى قرارات البشير.. * الحياة تطارد الجميع إلى دوائر اليأس و القنوط.. و يرتفع ترمومتر الأسى في المواصلات.. و الوقود.. و الزحام.. و ارتفاع الأسعار لا مدى له.. و الأزمات تتواتر و تتراكم و يتطاول اليأس يمحق الآمال القديمة القديمة دون رحمة.. * إنها مشكلة الجميع، مشكلة لا تقلق البشير بمثلما تقلقه انتخابات عام ٢٠٢٠؛ و هو يؤمن سلطانه بالميليشيات.. يغدق أموالنا عليهم و على دستوريين مؤلفة قلوبهم للدوران حول سفهه و تغطية سوءات نظامه مقابل رواتب و مخصصات وامتيازات و بذخ يضاعف ديون السودان و يكسر جناح الجنيه.. * و عمال المحلية يركلون أواني ستات الشاي و يطاردون الباعة المتجولين.. و الباعة يتجارون هنا و هناك مبتعدين عن عتاولة الكشات حاملين ما تيسر لهم حمله في هرج و مرج.. حابلهم يختلط بنابلهم.. و يصطدمون بالمتسوقين في زحمة الأسواق.. و المتسوقون في يأس يحاولون رتق ميزانياتهم المخرومة بتدابير ابتكرها السودانيون.. To make the ends meet.. :- (قدر ظروفك!) * و قد تجد في السوق من (يقدر ظروفك).. و غالباً ما لا تسمح ظروف من قد يقدر ظروفك أن يقدرها لأن البشير قد ضيق الخناق على كل من يقدر ظروف الآخرين.. و الغضب يمشي عاريا غير آبه برجال الأمن المنتشرين بكثافة في كل ركن من أركان المدينة.. و النفوس مهيأة للانفجار.. و لم يعد هناك مكان للخوف عند شتم البشير و نظامه أمام الجميع في المنتديات و بيوت الأفراح و الأتراح.. و في أي تجمع للسودانيين.. * الكل يلعن البشير! * و بالأمس شاهدت شرارة تنطلق في سوق أم درمان، دفارا ينزل منه عتاولة المحلية.. يطاردون الباعة المتجولين.. و ستات الشاي يتجارين هنا و هناك.. و جمهور المتسوقين جماعات جماعات يلتقطون الحجارة يمطرون بالحجارة دفار المحلية.. قذائف وراء قذائف.. و الشرطة تطلق الأعيرة النارية في الهواء.. و عتاولة المحلية يهرولون منهزمين إلى الدفار و الدفار يهرب.. و الحجارة تهطل محشوة غضبا ساطعا قادما من جميع الاتجاهات.. غضبا لا تخطئه العين.. * إنه الإحساس بالظلم العام.. إنها الغبينة يفشها العامة دون سابق اتفاق.. و الحجارة ترمز عن كثير .. كانت مقدمة للهيب مكتوم في القلوب.. * فلماذا اندفع الجميع للدفاع عن ستات الشاي و الباعة المتجولين بتلك الصورة العفوية.. و لا علاقة مباشرة تربطهم بالضحايا الهاربين من عتاولة المحلية؟ * لا أحتاج أن أقسم بالله العظيم و كتابه الكريم لأقول لكم إنها الغبينة العامة كان يفشها كل من قذف حجرا على الدفار.. و لو حدث و دخل البشير، وقتها، سوق أم درمان، و بدون حراسة، لتلقى من الحجارة ما يدفنه هناك قبل أن يعود إلى كرسيه المريح في القصر الفخيم! * و يقيني أن كل مواطن مخلص للسودان يصب جام لعناته يوميا على المحليات و الجبايات و ارتفاع الأسعار و الصفوف و حكومة المؤتمر الوطني و عمر حسن أحمد البشير.. * الكل يلعن البشير.. و يتمنى زوال نظامه ليزول الظلم الكاتم للأنفاس.. * الكل يلعن البشير، و البشير منغمس في الإعداد لإنتخابات ٢٠٢٠..!

مقالات ذات صلة